.الفيلم الإيراني" انفصال نادر وسيمين" ... إدانة لواقع سياسي وإقتصادي
شخصيات حائرة ما بين إرضاء الضمير وحماية الذات
العرب اليوم: رسمي محاسنة
• على هامش مهرجان الفجر السينمائي العاشر في طهران ، تمت دعوة عدد من
اعضاء الوفود المشاركة في المهرجان الى لقاء مع " هاشمي رافسنجاني" وكان
حينها رئيساً للجمهورية الإيرانية وكانت أولى الكلمات التي نطق بها بعد
ترحيبه بنا قوله "إن الله جميل يحب الجمال .. وانتم أيها السينمائيون
توّلدون الجمال .. وأن الحكومة الايرانية ستدعم السينمائين ". وفعلاً لم
تكن هذه العبارات مجرد شعارات ، او تسويق لصورة الجمهورية الإسلامية، انما
كان لها صدى على الواقع من خلال الحضور الملفت للانتباه للسينما الايرانية
في ذلك الوقت (1997) . حيث انتزعت مساحةً لها من الاهتمام العالمي
والمهرجانات السينمائية واصبحت شريكة في الجوائز العالمية وكان يتردد في
ذلك الوقت اسماء مثل "محسن مخملباف" و"كياروستامي". ومؤسسة الفارابي
السينمائية تضع امكانياتها امام السينمائيين لتتوالى الاسماء الايرانية في
عالم السينما. ومفارقة اخرى هي ان عدد المخرجات السينمائيات ارتفع بشكل
ملحوظ واصبح حضور المرأة الايرانية كمخرجة خلف الكاميرا حضوراً كبيراَ حيث
طرحت قضايا المرأة والمجتمع بحرفية عالية استحقت عليها هذه الجوائز الكثيرة
من المهرجانات العالمية. في الوقت الذي كانت فيه المرأة شبه غائبه تماماً
عن السينما أيام الشاه وهي مفارقة لابد الاشارة لها ضمن منظار عام يتمثل في
أن المقارنة تصب لصالح سينما الثورة الإسلامية على حساب سينما الشاه نظراً
للمستويات الفكرية والفنية التي قدمتها السينما الإيرانية بعد الثورة
والقضايا السياسية والاجتماعية التي طرحتها رغم التضيق الذي كانت ومازالت
تقوم به الحكومة الإيرانية على السينمائين. وربما ما جعل السينما الإيرانية
تحقق مثل هذا الحضور أنها كانت تنتمي لبيئتها وبالتالي عكست ملامح هويتها
وخصوصيتها ولم تهرب الى الخلف كما أن المخرجين هم أقرب الى روح السينما
السوفياتية والى الموجة الفرنسية الجديدة وأن الإنسان هو محور هذه السينما
بهواجسه كفرد ومجتمع وتطلعاته، كل ذلك في اطار من البساطة وتقديم افلام
ناقشت اوضاع وافكار كثيرة داخل المجتمع الإيراني بكل مكوناته وتنوعاته
بنظرة تحمل العمق في الرؤية ولها روحيتها وفلسفتها ومن هنا يأتي الاحتفاء
العالمي بهذه السينما .
• ومن الأفلام الحديثة التي تحقق نجاحاً
في المهرجانات وفي الصالات فيلم " انفصال نادر وسيمين" الذي عرضتة لجنة
السينما في شومان والفيلم المرشح للاوسكار عن فئة الفيلم الأجنبي .
• تبدو قصة الفيلم بسيطة ومطروحة ولا جديد فيها حيث تدور الاحداث حول زوج
وزوجته يقرران الانفصال للتباين في وجهات النظر فالزوجة تريد السفر خارج
ايران حتى تبتعد بإبنتها عن هذه الاجواء والزوج لا يمانع لكنه لا يستطيع أن
يسافر لان والده العجوز مصاب بالزهايمر ولا يقدر على أن يتركه وحيداَ
وتدخل خادمة في حياة الأسرة وفي لحظة غضب يدفعها الزوج بقليل من العنف
وتجهض المرأة وتجري محاكمة لتحميل الزوج مسؤولية الإجهاض .
• لكن
في فيلم " انفصال" الأمور ليست بهذه البساطة ولا بهذه السذاجة إنما تذهب
في العمق حيث خلف هذه الشخصيات هناك واقع اجتماعي وواقع سياسي يدفع شخصياته
الى زاوية لا يريدونها اصلاً لكن يضطرون للدفاع عن أنفسهم أمام واقع يبدو
أنه اكبر منهم واكثر قدرة على تحديد مسار حياتهم ومن هنا يشتغل الفيلم على
الجانب الأخلاقي والجانب الديني ولكن بعيداّ عن الشعارات والوعظ
والكلاشيهات ، أو الانحياز مسبقاً لوجهات نظر معينة .
• المشهد
الإفتتاحي يضعنا في أجواء الفيلم حيث آلة ناسخة تقوم بتصوير مستندات ووثائق
شخصية وبأسلوب يومي أن هناك قضية تحتاج هذه الوثائق. وفي مشهد متقن يجلس
الزوجان أمام القاضي الذي لا نشاهده وكل واحد يدلي بحجته لطلب الإنفصال
والمسألة ليس لها علاقة بالمشاعر والإحترام والحب والكراهية إنما هناك زوجة
تريد الخروج بإبنتها من هذا المناخ، وزوج لا يمانع ابداً لكن لديه سبباَ
قوياً ومقنعاً يتمثل في كونه لا يستطيع ترك والده المصاب بالزهايمر وحيداً ،
فهو بحاجة الى رعاية. ورغبة الزوجة بالهجرة والسفر هنا تحمل دلالات لها
علاقة بمجمل الوضع العام الذي تريد أن تغادره وتخرج ابنتها بعيداً عن أوضاع
البلد.
• الزوجة من خلال علاقتها بصديقة لها تتعرف على امرأة
وتتفق معها للحضور الى البيت الذي غادرته من أجل رعاية الأب العجوز وتنظيف
البيت، وهكذا تبدوالأمور تسير بشكل معقول رغم تردد الخادمة بالعمل نظراً
لاسباب تتعلق بصعوبة العمل نفسه ولاسباب دينية تتمثل في ضرورة أن تقوم
بتغير ملابس الأب العجوز لأنه لا يتحكم بنفسه وما يعني ذلك من ضرورة التأكد
من أن عملها هذا ليس حراماً . هذا الأب الفاقد للذاكرة لديه عادة الذهاب
لشراء الجريدة وبينما الخادمة تعمل في البيت يغافلها ويخرج الى الشارع
فتلحق به وتصدمها سيارة وتعيده للبيت وتضطر للتغيب في اليوم التالي لمراجعة
الطبيب وتربط الرجل العجوز بالتخت حتى لا يخرج من البيت لحين عودتها لكن
الزوج يصل مبكراً ويجد والده في حالة من الإعياء الشديد حيث وقع عن السرير
واصابته كدمات وتثور ثائرة الزوج الذي يطرد الخادمة ويتهمها بسرقة فلوس من
البيت ويدفعها عن الباب ليعرف لاحقاً أنها قد وقعت واجهضت ليبدأ فصلٌ من
المحاكمات يتدخل فيها زوج الخادمة العاطل عن العمل والذي اصبح شديد العصبية
نظراً لطرده من العمل والديون المتراكمة عليه فيما الإبنة حائرة بين امها
ووالدها . وينتهي الفيلم بمشهد للابنة في المحكمة امام القاضي وهو يستنطقها
لتقرر فيما إذا كانت تريد البقاء مع والدها او مع والدتها .
•
وبالدخول الى عالم الفيلم لابد من ملاحظة الطبقة الإجتماعية التي تنتمي لها
الشخصيات وحيث هنا طبقة وسطى للزوج والزوجة والإبنة وطبقة فقيرة للخادمة
وزوجها هذا التمايز الطبقي الذي فرضته ظروف سياسية وطبيعة الحكم والنظام
والذي أفرز نماذج مهمشة نراها في الشارع والمحكمة والذي انعكس على سلوكها
حيث كل واحد يريد أن يدافع عن نفسه ولو بالكذب مادام ذلك متاحاً وحتى
الطفلة التي كانت تعاني من حيرتها بين والدها ووالدتها وتسأل بإلحاح عن
الحقيقة، وجدت نفسها في لحظة من اللحظات مضطرة للكذب امام القاضي لإنقاذ
والدها مثلما قام والدها بالكذب بقوله بعدم معرفة أن الخادمة حامل أم لا
وكذلك المعلمة التي كذبت لصالح الزوج والخادمة التي كذبت على زوجها عندما
لم تخبره عن عملها كخادمة وعندما قالت أن سبب الإجهاض لقيام الزوج بدفعها
على الدرج وزوجها الذي يريدها أن تصر على موقفها .
• الفيلم لا
يحاكم الشخصيات أخلاقباً ولا يدينها بالعكس يتعامل معها بحنان بالغ فالجميع
ضحايا ظروف لا يد لهم بها لقد كان لكل شخصية وجهان :الاول هو الظاهر
والثاني يتمثل بذلك الصراع في الداخل ما بين الحقيقة والمبرر رغم اصطناع
الهدوء إلا أن الحاح الضمائر كان قوياً وحاداً . الاب باعترافه امام ابنته
لاحقاً والخامة التي ترفض أن تقسم على المصحف بأن الزوج هو سبب اجهاضها وما
بين حماية الذات ووجع الضمير تغيب كل التسويات وتبقى الاسئلة مفتوحة على
كل الإحتمالات مثلها في ذلك مثل قرار الابنة التي بقي موقفها لغزاً للمشاهد
.
• هناك مسألة أخرى في الفيلم وهي التشويق والأحداث التي دارت
في المحكمة والذكاء بتتبع خيوط القضية وحبكة الفيلم سواء في محاولات كل
شخصية استخدام الذكاء لحماية نفسها وربط الخيوط ببعضها البعض او ذكاء
القاضي الذي رغم بساطته وصعوبة ظروف العمل والمكان وكثرة المراجعين إلا انه
كان يلتقط اشارات بسيطة يربطها ببعضها البعض ويستخلص منها .
•
فيلم " انفصال" عن تلك المشاعر المرتبطة بحياة الشخصيات والصلة التي تربطها
بضمير الإنسان دون مبالغة أو استخفاف خلال ساعتين هي مدة الفيلم تم
تصويرها في مناطق ضيقة تتناسب مع نفسية الشخصيات وأحاسيسها وعواطفها
وانفعالاتها وحالة الحصار التي تعانيها . كل ذلك بأداء مميز للممثلين وبشكل
خاص زوج الخادمة الذي قدم شخصية الإنسان المطحون والذي اغلقت بوجهه السبل
ولا يجد امامه مخرجاً من مأزقة إلا بالعنف وكذلك شخصية الاب المصاب بفقدان
الذاكرة الذي قدم أداءً مدهشاً لهذه الشخصية وبالطبع فإن بطلة الفيلم "ليلى
حاتمي" كانت هي الاكثر تميزاً بدور الزوجة.
• فيلم "انفصال نادر
وسيمين" من تأليف وإخراج "أصغر فرهاوي" ، بطولة "ليلى
حاتمي" و"سارينا فرهاوي" و"بيمان مؤدي" و"شهاب حسيني" وغيرهم .
Rasmii_10@yahoo.com
شخصيات حائرة ما بين إرضاء الضمير وحماية الذات
العرب اليوم: رسمي محاسنة
• على هامش مهرجان الفجر السينمائي العاشر في طهران ، تمت دعوة عدد من
اعضاء الوفود المشاركة في المهرجان الى لقاء مع " هاشمي رافسنجاني" وكان
حينها رئيساً للجمهورية الإيرانية وكانت أولى الكلمات التي نطق بها بعد
ترحيبه بنا قوله "إن الله جميل يحب الجمال .. وانتم أيها السينمائيون
توّلدون الجمال .. وأن الحكومة الايرانية ستدعم السينمائين ". وفعلاً لم
تكن هذه العبارات مجرد شعارات ، او تسويق لصورة الجمهورية الإسلامية، انما
كان لها صدى على الواقع من خلال الحضور الملفت للانتباه للسينما الايرانية
في ذلك الوقت (1997) . حيث انتزعت مساحةً لها من الاهتمام العالمي
والمهرجانات السينمائية واصبحت شريكة في الجوائز العالمية وكان يتردد في
ذلك الوقت اسماء مثل "محسن مخملباف" و"كياروستامي". ومؤسسة الفارابي
السينمائية تضع امكانياتها امام السينمائيين لتتوالى الاسماء الايرانية في
عالم السينما. ومفارقة اخرى هي ان عدد المخرجات السينمائيات ارتفع بشكل
ملحوظ واصبح حضور المرأة الايرانية كمخرجة خلف الكاميرا حضوراً كبيراَ حيث
طرحت قضايا المرأة والمجتمع بحرفية عالية استحقت عليها هذه الجوائز الكثيرة
من المهرجانات العالمية. في الوقت الذي كانت فيه المرأة شبه غائبه تماماً
عن السينما أيام الشاه وهي مفارقة لابد الاشارة لها ضمن منظار عام يتمثل في
أن المقارنة تصب لصالح سينما الثورة الإسلامية على حساب سينما الشاه نظراً
للمستويات الفكرية والفنية التي قدمتها السينما الإيرانية بعد الثورة
والقضايا السياسية والاجتماعية التي طرحتها رغم التضيق الذي كانت ومازالت
تقوم به الحكومة الإيرانية على السينمائين. وربما ما جعل السينما الإيرانية
تحقق مثل هذا الحضور أنها كانت تنتمي لبيئتها وبالتالي عكست ملامح هويتها
وخصوصيتها ولم تهرب الى الخلف كما أن المخرجين هم أقرب الى روح السينما
السوفياتية والى الموجة الفرنسية الجديدة وأن الإنسان هو محور هذه السينما
بهواجسه كفرد ومجتمع وتطلعاته، كل ذلك في اطار من البساطة وتقديم افلام
ناقشت اوضاع وافكار كثيرة داخل المجتمع الإيراني بكل مكوناته وتنوعاته
بنظرة تحمل العمق في الرؤية ولها روحيتها وفلسفتها ومن هنا يأتي الاحتفاء
العالمي بهذه السينما .
• ومن الأفلام الحديثة التي تحقق نجاحاً
في المهرجانات وفي الصالات فيلم " انفصال نادر وسيمين" الذي عرضتة لجنة
السينما في شومان والفيلم المرشح للاوسكار عن فئة الفيلم الأجنبي .
• تبدو قصة الفيلم بسيطة ومطروحة ولا جديد فيها حيث تدور الاحداث حول زوج
وزوجته يقرران الانفصال للتباين في وجهات النظر فالزوجة تريد السفر خارج
ايران حتى تبتعد بإبنتها عن هذه الاجواء والزوج لا يمانع لكنه لا يستطيع أن
يسافر لان والده العجوز مصاب بالزهايمر ولا يقدر على أن يتركه وحيداَ
وتدخل خادمة في حياة الأسرة وفي لحظة غضب يدفعها الزوج بقليل من العنف
وتجهض المرأة وتجري محاكمة لتحميل الزوج مسؤولية الإجهاض .
• لكن
في فيلم " انفصال" الأمور ليست بهذه البساطة ولا بهذه السذاجة إنما تذهب
في العمق حيث خلف هذه الشخصيات هناك واقع اجتماعي وواقع سياسي يدفع شخصياته
الى زاوية لا يريدونها اصلاً لكن يضطرون للدفاع عن أنفسهم أمام واقع يبدو
أنه اكبر منهم واكثر قدرة على تحديد مسار حياتهم ومن هنا يشتغل الفيلم على
الجانب الأخلاقي والجانب الديني ولكن بعيداّ عن الشعارات والوعظ
والكلاشيهات ، أو الانحياز مسبقاً لوجهات نظر معينة .
• المشهد
الإفتتاحي يضعنا في أجواء الفيلم حيث آلة ناسخة تقوم بتصوير مستندات ووثائق
شخصية وبأسلوب يومي أن هناك قضية تحتاج هذه الوثائق. وفي مشهد متقن يجلس
الزوجان أمام القاضي الذي لا نشاهده وكل واحد يدلي بحجته لطلب الإنفصال
والمسألة ليس لها علاقة بالمشاعر والإحترام والحب والكراهية إنما هناك زوجة
تريد الخروج بإبنتها من هذا المناخ، وزوج لا يمانع ابداً لكن لديه سبباَ
قوياً ومقنعاً يتمثل في كونه لا يستطيع ترك والده المصاب بالزهايمر وحيداً ،
فهو بحاجة الى رعاية. ورغبة الزوجة بالهجرة والسفر هنا تحمل دلالات لها
علاقة بمجمل الوضع العام الذي تريد أن تغادره وتخرج ابنتها بعيداً عن أوضاع
البلد.
• الزوجة من خلال علاقتها بصديقة لها تتعرف على امرأة
وتتفق معها للحضور الى البيت الذي غادرته من أجل رعاية الأب العجوز وتنظيف
البيت، وهكذا تبدوالأمور تسير بشكل معقول رغم تردد الخادمة بالعمل نظراً
لاسباب تتعلق بصعوبة العمل نفسه ولاسباب دينية تتمثل في ضرورة أن تقوم
بتغير ملابس الأب العجوز لأنه لا يتحكم بنفسه وما يعني ذلك من ضرورة التأكد
من أن عملها هذا ليس حراماً . هذا الأب الفاقد للذاكرة لديه عادة الذهاب
لشراء الجريدة وبينما الخادمة تعمل في البيت يغافلها ويخرج الى الشارع
فتلحق به وتصدمها سيارة وتعيده للبيت وتضطر للتغيب في اليوم التالي لمراجعة
الطبيب وتربط الرجل العجوز بالتخت حتى لا يخرج من البيت لحين عودتها لكن
الزوج يصل مبكراً ويجد والده في حالة من الإعياء الشديد حيث وقع عن السرير
واصابته كدمات وتثور ثائرة الزوج الذي يطرد الخادمة ويتهمها بسرقة فلوس من
البيت ويدفعها عن الباب ليعرف لاحقاً أنها قد وقعت واجهضت ليبدأ فصلٌ من
المحاكمات يتدخل فيها زوج الخادمة العاطل عن العمل والذي اصبح شديد العصبية
نظراً لطرده من العمل والديون المتراكمة عليه فيما الإبنة حائرة بين امها
ووالدها . وينتهي الفيلم بمشهد للابنة في المحكمة امام القاضي وهو يستنطقها
لتقرر فيما إذا كانت تريد البقاء مع والدها او مع والدتها .
•
وبالدخول الى عالم الفيلم لابد من ملاحظة الطبقة الإجتماعية التي تنتمي لها
الشخصيات وحيث هنا طبقة وسطى للزوج والزوجة والإبنة وطبقة فقيرة للخادمة
وزوجها هذا التمايز الطبقي الذي فرضته ظروف سياسية وطبيعة الحكم والنظام
والذي أفرز نماذج مهمشة نراها في الشارع والمحكمة والذي انعكس على سلوكها
حيث كل واحد يريد أن يدافع عن نفسه ولو بالكذب مادام ذلك متاحاً وحتى
الطفلة التي كانت تعاني من حيرتها بين والدها ووالدتها وتسأل بإلحاح عن
الحقيقة، وجدت نفسها في لحظة من اللحظات مضطرة للكذب امام القاضي لإنقاذ
والدها مثلما قام والدها بالكذب بقوله بعدم معرفة أن الخادمة حامل أم لا
وكذلك المعلمة التي كذبت لصالح الزوج والخادمة التي كذبت على زوجها عندما
لم تخبره عن عملها كخادمة وعندما قالت أن سبب الإجهاض لقيام الزوج بدفعها
على الدرج وزوجها الذي يريدها أن تصر على موقفها .
• الفيلم لا
يحاكم الشخصيات أخلاقباً ولا يدينها بالعكس يتعامل معها بحنان بالغ فالجميع
ضحايا ظروف لا يد لهم بها لقد كان لكل شخصية وجهان :الاول هو الظاهر
والثاني يتمثل بذلك الصراع في الداخل ما بين الحقيقة والمبرر رغم اصطناع
الهدوء إلا أن الحاح الضمائر كان قوياً وحاداً . الاب باعترافه امام ابنته
لاحقاً والخامة التي ترفض أن تقسم على المصحف بأن الزوج هو سبب اجهاضها وما
بين حماية الذات ووجع الضمير تغيب كل التسويات وتبقى الاسئلة مفتوحة على
كل الإحتمالات مثلها في ذلك مثل قرار الابنة التي بقي موقفها لغزاً للمشاهد
.
• هناك مسألة أخرى في الفيلم وهي التشويق والأحداث التي دارت
في المحكمة والذكاء بتتبع خيوط القضية وحبكة الفيلم سواء في محاولات كل
شخصية استخدام الذكاء لحماية نفسها وربط الخيوط ببعضها البعض او ذكاء
القاضي الذي رغم بساطته وصعوبة ظروف العمل والمكان وكثرة المراجعين إلا انه
كان يلتقط اشارات بسيطة يربطها ببعضها البعض ويستخلص منها .
•
فيلم " انفصال" عن تلك المشاعر المرتبطة بحياة الشخصيات والصلة التي تربطها
بضمير الإنسان دون مبالغة أو استخفاف خلال ساعتين هي مدة الفيلم تم
تصويرها في مناطق ضيقة تتناسب مع نفسية الشخصيات وأحاسيسها وعواطفها
وانفعالاتها وحالة الحصار التي تعانيها . كل ذلك بأداء مميز للممثلين وبشكل
خاص زوج الخادمة الذي قدم شخصية الإنسان المطحون والذي اغلقت بوجهه السبل
ولا يجد امامه مخرجاً من مأزقة إلا بالعنف وكذلك شخصية الاب المصاب بفقدان
الذاكرة الذي قدم أداءً مدهشاً لهذه الشخصية وبالطبع فإن بطلة الفيلم "ليلى
حاتمي" كانت هي الاكثر تميزاً بدور الزوجة.
• فيلم "انفصال نادر
وسيمين" من تأليف وإخراج "أصغر فرهاوي" ، بطولة "ليلى
حاتمي" و"سارينا فرهاوي" و"بيمان مؤدي" و"شهاب حسيني" وغيرهم .
Rasmii_10@yahoo.com
2015-05-25, 10:55 pm من طرف سلطان
» نهفات
2015-05-09, 7:05 pm من طرف سلطان
» أعظم جنود الله
2015-05-09, 6:58 pm من طرف سلطان
» حياتك الدنيا ..هي هكذا
2015-05-09, 6:47 pm من طرف سلطان
» الوردة والفراشة
2015-05-09, 6:37 pm من طرف سلطان
» وفوق كل ذي علم عليم
2015-04-26, 10:19 pm من طرف سلطان
» عشاق الليل
2015-04-26, 9:58 pm من طرف سلطان
» عبد الرحمن الداخل وتاسيس الدولة الحديثة
2015-04-20, 11:02 pm من طرف سلطان
» اشتاقكم
2015-04-19, 9:47 pm من طرف سلطان
» التين ..... الفاكهة الكنز
2015-04-19, 9:33 pm من طرف سلطان