فرقة مسار اجباري" .. صوت قادم من الماضي.. يحمل حلم الشباب المعاصر
كان جمهور مهرجان " كرامة " على مو عد مع امسية من الغناء النظيف .. مع واحدة من الفرق الغنائية التي ساهمت بزيادة مساحة الموسيقى والغناء ، الذي يعيد للنفس صفائها، ويحرض العقل والوجدان، غناء يرتد بنا الى بدايات القرن الماضي مع " سيد درويش" احد الرواد والمؤسسين لنموذج الغناء المرتبط بالناس العاديين ، البسطاء، بمختلف مواقعهم المهنية، ومستوياتهم الاجتماعية، والتائقين للحرية... ومن " الاسكندرية" وشيخها " درويش " الى ميدان التحرير... حيث صدى احتفالية الشعب بزفاف شهداء الحرية.
انها فرقة " مسار اجباري " .. المسار الذي يخرج عن المسارات السائدة، لان ندوبا كثيرة اصابت وجه هذه المسارات، واجباريا لابد لاصحاب الفطرة الذوقية السليمة.. من اتخاذ مسار اجباري ، محكوم بالوعي،والكلمة النظيفة،والجملة اللحنية المبدعة،والعزف الاحترافي الى جانب الاداء العالي الذي يحاكي الناس ولا يترفع عنهم.
كانت البداية بترحيب من الجمهور الذي يلتقي بالفرقة لاول مرة، لان هذا هو ظهورها الاول في الاردن، لكنه جمهور يعرف الفرقة جيدا، ويعرف اغانيها، لذلك كان طبيعيا ان يكون هذا التماهي مابين الخشبة والجمهور، والترتيب الذي اخذ شكل الدائرة، ليكسر حاجز المسافة، في حميمية التلقي، والانفعال، وتصاعد الايقاع المنسجم مع تصاعدالتفاعل الجماهيري، بعد ان قام المسيقار طارق الناصر بتقديم الفرقه، باسلوب اقرب الى احدى ابداعاته الموسيقية، تحدث بحب شديد، وبرؤية الموسيقار الواعي، وتفدير الكبار للكبار، نسج بساطا مابين الفرقة والحضور لتمر عليه لاحقا نوتات لغةالموسيقى، وتصاعد الاداء الغنائي، وبوح الالات التي اتحدت شرقا وغربا،تلثغ بلغة الموسيقى .
هذا الجمهور الراقي الذي كان يختار وقت مشاركته الفرقة، او تبادل الغناء معها في ذكاء شديد، متنقلا مابين الفعل، والصمت ، بشكل هارموني ، اعطى للامسية جمال المنتج الابداعي المدهش، وعكس هذا التفاعل الايجابي الراقي من جمهور لم يؤثر عليه سوق الكاست ولا غواية الكليبات ، التي تضخها الفضائيات ، التي تخنق فضاء العالم العربي ، بما تبثه، وبما تفيض فيه من تناقض، وارباك وتشويش، وتشويه لجمال الروية، وافساد للسمع.
كان الاستهلال بالاغنيةالرائعة " بقيت حاوي " وهي من تاليف " محمد جمعة" لكن نلمح فيها روح " صلاح جاهين" بدلالات مفرداتها، وجمال موسيقاها الشعرية الداخلية، وهي واحدة من الاغاني الاكثر شهرة، فيها سحر خاص، وتقدمهاالفرقة باحساس عال، جعلت من الاغنية ايقونة للفرقة.
"مسار اجباري"ى هي واحدة من اشكال التغيير في مصر،ولذلك كان لابد ان يكون لها كلمة فيما حدث في مصر، فقدمت اغنية "تحية شهيد" ، وهي تحية لشهداء الميدان وثورة التغيير في مصر،بكلمات تفيض شاعرية راقية تليق بالشهداء ، بالايدي التي حملتهم، والبيوت التي تنتظرهم، شبابهم المدون في سجل الخالدين، بالندى وكحل العيون،ونداء الوطن الذي رددوه واستشهدوا من اجله.
ولانها من الناس ولهم، فهي تختار المفردة الاقرب للعامة، وتلتقط المفردة من افواههم، الكلمة المصرية الحلوه البسيطة والشفافة والمعبره، الكلمة التي تقول، وتختصرا واقعا،، او انها تعكس اسلوب حياة، وادوات تواصل، عن هذا الدارج واليومي في حياة الانسان المصري، فقدمت اغنية " سلام عليكم" و" دي مش طريقة" بايقاع سلس مسترسل بعفوية، ومنتقدا لممارسات يومية في الشارع، لكن دون جرح او خدش لمشاعر.
وتعود الفرقة الى بدايات مسارها باول اغانيها التي قدمتها للناس ، وذلك باغنية"طعم البيوت" وهي اغنية رغم هدؤها الظاهري الا انها تحمل صخب الحياة، تمزج مابين المكان، وحركة الانسان، ودورتة التفاعلية، بكل مافيها من نجاح واحباطات.
تعود الفرقة لتراث " سيد درويش" بدور " انا هويت" ، لتقدم بعدها اغنية جارحة، بما تعكسه من واقع مرير لحياة الانسان المصري، وهي اغنية " ولا حاجه" فهو لايريد أي شيء ، ليس ترفعا ولا تمنعا، لكن لان شراكة اولي الامر والمتنفذين، لم تترك شيئا للمواطن العادي، في صرخة احتجاج عالية النبرة على غياب العدالة وعدم تكافوء الفرص.
ولان الفرقة تتميز بالمزج مابين الاصالة من تراث غنائي وموسيقي للرواد، وما بين الاغنية المعاصرة، فانها تتوقف كثيرا في محطة ابداعات " سيد درويش" وتقدم مجموعة من الاغاني التي مازالت ماثلة في الوجدان المصري والعربي، بكل تلويناتها، واشكالها واساليبها الغنائية، وتضيف الفرقة اليها توزيعا موسيقيا حديثا، يعتمد الات غربية صرفه، لكن الابداع في العزف يقوم بتطويع هذه الالات، والاتكاء على موسيقى الروك والجاز والبلوز، وتعطيها من روحها الشرقية الاصيلة، لتكون هذه الالات الغربية مجرد حامل، للموسيقى الشرقية الاصيلة، تتسلل الى ذائقة المتلقي وخاصة الجيل الجديد الذي انقطعت كثير من السبل بينه وبين تراثه والرواد.
وينظم الفنان "خالدابو النجا" في الجزء الاخير من الامسية، ويشارك باغنية"شيخ البلد"، التي تصور ذلك الحلم الطائر والممزق للشباب المصري الباحث عن ذاته، وعن فرصة عمل، هنا او هناك، يلعب مع الحياة، ويمارس الفهلوة ليمر يومه، والاغنية تحيلنا الى الوجة الاخر لهذا الحلم الغائب والمرير، عندما وجد الشاب المصري نفسه معلقا في الفراغ، في غياب استراتيجيات الدوله،ليلعب مع الحياة بما تيسر له من ادوات.
الجمهور شارك الفرقة مع الفنان "ابوالنجا" بالتواصل الى درجة عالية من التفاعل، فيما الفرقة تبدع في تقديم تنويعات من الاداء والعزف، وتوظيف الالات الغربية، وتطويعها للحن الاصيل، لتنهي الامسية بتقديم الرضا للام الكبيرة بهية " مصر".. ولتضع فرقة "مسار اجباري" بصمتها بنجاح في سماء "عمان" في اول حضور لها بالاردن. ولتؤكد على انها واحدة من الفرق القادرة على تقديم البديل من الموسيقى والغناء، والمؤهلةلاعادة التراث الاصيل عبر ادوات من العزف والاداء ،تكون اقرب الى الجيل الجديد بشكل خاص، وانها تحمل مشروعا لكل الاعمار والفئات الاجتماعية والثقافية ، فيه نكهة التحريض السياسي، وتسليط الضؤ بحب وشفافية على سلوكيات لابد من تغييرها، وتعزيز القيم المجتمعية الجميلة، هذا المشروع المغلف باسلوب يحمل شكل الايقاع الغربي ، لكنه مسكون بالروح الشرقية الاصيلة.
2015-05-25, 10:55 pm من طرف سلطان
» نهفات
2015-05-09, 7:05 pm من طرف سلطان
» أعظم جنود الله
2015-05-09, 6:58 pm من طرف سلطان
» حياتك الدنيا ..هي هكذا
2015-05-09, 6:47 pm من طرف سلطان
» الوردة والفراشة
2015-05-09, 6:37 pm من طرف سلطان
» وفوق كل ذي علم عليم
2015-04-26, 10:19 pm من طرف سلطان
» عشاق الليل
2015-04-26, 9:58 pm من طرف سلطان
» عبد الرحمن الداخل وتاسيس الدولة الحديثة
2015-04-20, 11:02 pm من طرف سلطان
» اشتاقكم
2015-04-19, 9:47 pm من طرف سلطان
» التين ..... الفاكهة الكنز
2015-04-19, 9:33 pm من طرف سلطان